وفي المرة الأولى، أمضى محمد في السجن ثمانية شهور، حيث كان يتم تأجيل محاكمته باستمرار. وفي كل مرة كان يتم إطلاق سراحه كان يشعر بصعوبة إعادة التأقلم مع حياته الطبيعية في البيت. فقد كان عدوانياً وعصبياً تجاه أفراد أسرته حيث كانت مسألة التعامل معهم أمراً في غاية الصعوبة بالنسبة إليه. ونظراً لأن عمله كان يحتم عليه المبيت خارج المنزل، فقد أسهم ذلك في زيادة عزلته عن أسرته وترك أثر مدمر على صحته النفسية. وفي آخر مرة اعتقل فيها محمد، تعرض للضرب المبرح إلى درجة دخوله في حالة غيبوبة.
وبعد أربعة شهور، تم إطلاق سراحه، حيث يقول واصفاً ما شعر به بعد عودته إلى المنزل: "لقد كنت عدوانياً، دائم الغضب وأمضي أكثر وقتي خارج المنزل. لم يكن باستطاعتي استعادة نمط حياتي الطبيعي. لقد عمل معي أحد الأخصائيين من إحدى المؤسسات قبل أن أتعرف إلى جمعية الشبان المسيحية. إلا أنني لم أحصل على المساعدة النفسية اللازمة". ولاحقاً، بعد تنفيذ التدخل معه من قبل الجمعية، تلقى محمد الدعم اللازم على مرحلتين؛ الدعم النفسي والمهني. يقول محمد: "غالباً ما كنت أتأخر على موعد الجلسات، وفي أحيان أخرى كنت أتصل لإلغاء الجلسة المقررة، إلا أن الأخصائيين كانوا على درجة كبيرة من التفهم. وفي بعض الأحيان، لم أتمكن من الوصول إلى نابلس، فكان الأخصائي يحضر إلى منزلي لتنفيذ الجلسات". لقد تعلم محمد من خلال الجلسات التقليل من عدوانيته وعصبيته تجاه أسرته كما تمكن من حل مشاكله النفسية التي خلقتها تجربة الاعتقال.
وخضع محمد لجلسات التشخيص المهني أيضاً، حيث نصحه الأخصائي بمتابعة عمله في مجال صيانة أجهزة الهاتف الخلوي. كما ساعده في الالتحاق بدورة تدريب مهني تتوافق وميوله وقدراته المهنية، حيث لا يزال يحضر هذه الدورة. وقد قال محمد واصفاً عملية التشخيص المهني التي خضع لها: "لقد ساعدني ذلك كثيراً في تحديد المجال الذي أفضله والالتحاق بالدورة التدريبية". وبناءً على تجربته هذه، يوجه محمد نصيحته إلى الشباب الذين يمرون بتجارب مماثلة بالتوجه إلى جمعية الشبان المسيحية للحصول على المساعدة والدعم اللازمين.