وفي غضون أقل من شهر واحد، زاره أخصائي الجمعية، وعرض عليه المساعدة. وفي إطار هذا التدخل، تلقى محمد جلسات الإرشاد التي تمكن من خلالها من التعبير عن مشاعره المتراكمة وتفريع السلبية منها. يقول محمد: "لقد ساعدني الأخصائي على البوح بأمور لم أتخيل أن البوح بها سيشعرني بهذا القدر من الراحة". لقد أثرت تجربة الاعتقال سلبياً على محمد إذ لم يكن لديه لا النية ولا القدرة على مواصلة دراسته. ومن هنا، فقد ارتأى الأخصائي أخذ منحى آخر في التدخل مع محمد، ألا وهو التوجه لخيار الإرشاد المهني. وقد لاحظ الأخصائي بأن محمد كان موهوباً في مجال التصميم والفنون، وقد تلقى الفتى التشجيع اللازم لتنمية هذه الموهبة من قبل كل من الأخصائي وأسرته على حد سواء. وبذلك، أحيل المستفيد لوحدة التقييم المهني في جمعية الشبان المسيحية لفحص ميوله المهنية وقدراته العقلية والجسدية بقدر أكبر من التعمق. كما حصل محمد بالإضافة إلى ذلك على الدعم المالي اللازم لتغطية تكاليف البرنامج التدريبي في مجال التصميم. والآن، يعمل محمد بجد واجتهاد لتوفير المال اللازم من أجل شراء كاميرا احترافية، إذ يخطط لأن يصبح مصوراً محترفاً في المستقبل.
يجدر بالذكر أن لمحمد شقيقان، أحدهما معتقل سابق والآخر تعرض لإصابة من قبل جيش الاحتلال، وكلاهما تلقى المساعدة من خلال برنامج التأهيل الذي تنفذه جمعية الشبان المسيحية. كما شمل التدخل مع المستفيدين مساعدة الأم على التعامل مع أبنائها بطريقة أفضل والاهتمام بصحتهم النفسية. وبعد انتهاء التدخل، واصل أخصائيو الجمعية متابعة محمد ولاسيما في ظل استمرار عودة الجنود لاعتقاله. ولحسن الحظ، تمكن محمد من تطوير آليات جيدة تساعده في التأقلم والحفاظ على التقدم المحرز على صعيد الوضع النفسي والاجتماعي.